قصة حب واقعية مليئة بالأسرار والتحديات تنتهي بنهاية غير متوقعة ( الجزء الاول )

كانت شمس القاهرة تغيب ببطء خلف نهر النيل، وألوان السماء تتحول تدريجياً إلى لوحة من الأزرق الداكن والبرتقالي المائل إلى الأحمر. وسط هذا المشهد، كانت "نهى" تجلس في مقهى هادئ مطل على الكورنيش، تمسك فنجان قهوتها الساخنة بيديها، وكأنها تحاول أن تجد في دفئه عزاءً من برودة الوحدة التي تلازمها منذ فترة.

قصة حب واقعية مليئة بالأسرار والتحديات تنتهي بنهاية غير متوقعة ( الجزء الاول )

لم تكن نهى فتاة عادية؛ في السابعة والعشرين من عمرها، تعمل كمهندسة معمارية في شركة معروفة، طموحة وشغوفة بعملها، لكنها رغم نجاحها المهني، لم يكن قلبها قد وجد الاستقرار الذي طالما حلمت به. أصدقاءها من حولها إما تزوجوا أو انشغلوا بحياتهم الخاصة، وبقيت هي عالقة بين عمل يستهلك وقتها وأحلام مؤجلة في الحب والأسرة.

في ذلك المقهى، كانت تنوي أن تقضي ساعة من الهدوء بعيداً عن صخب العمل. لكنها لم تتوقع أن تلك الساعة ستغير حياتها تماماً. دخل شاب طويل القامة، يحمل في يده كتاباً، يبحث بعينيه عن طاولة فارغة، حتى استقر به النظر عند الطاولة المجاورة لها. جلس، ووضع الكتاب أمامه، وألقى نظرة سريعة على نهى، ثم ابتسم ابتسامة خفيفة قبل أن ينشغل بقراءة كتابه.

لم تكن نهى تهتم عادةً بمن يجلس بجوارها، لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من إلقاء نظرات متقطعة نحو الشاب. كان ملامحه هادئة، عينيه بنيتان دافئتان، وابتسامته تحمل شيئاً من الطمأنينة. الغريب أنه بدا مألوفاً، وكأنها رأته من قبل.

بعد دقائق، لاحظت أن عنوان الكتاب الذي يقرأه هو "البحث عن الزمن المفقود"، أحد الكتب التي طالما أرادت قراءتها لكنها لم تجد وقتاً لذلك. ابتسمت في سرها وقالت بصوت مسموع دون قصد: "هذا الكتاب صعب ويحتاج صبراً كبيراً."

رفع الشاب رأسه، والتقت عيناه بعينيها، ثم قال بابتسامة ودودة: "صحيح، لكنه يستحق. هل جربت قراءته من قبل؟"

ارتبكت قليلاً، ثم ردت: "لا، كنت أنوي لكن لم أجد وقتاً. عملي يسرق كل وقتي تقريباً."

ابتسم قائلاً: "أنا يوسف، وأعمل كمدرس أدب. ربما هذا يفسر إصراري على قراءة مثل هذه الكتب الثقيلة."

ضحكت نهى وقالت: "تشرفت بمعرفتك، أنا نهى. أظن أن وجودك هنا مع كتابك جعلني أشعر بالذنب قليلاً، فأنا لم أقرأ شيئاً منذ أشهر."

دار بينهما حديث قصير عن الكتب والأدب، ومع مرور الوقت، بدأ الحوار يزداد عمقاً. اكتشفت نهى أن يوسف ليس مجرد مدرس أدب، بل شخص يؤمن بقيمة الكلمة وتأثيرها على الإنسان. كان يتحدث بحماس عن الشعر والروايات وكأنه يعيش داخلها، وهذا ما جعلها تنجذب لطريقته في التعبير.

مرت الساعات سريعاً، وحين أدركت أن الوقت تأخر، استأذنت نهى للمغادرة. لكن قبل أن تنهض، قال يوسف بصوت هادئ: "هل يمكن أن نلتقي مرة أخرى؟ أظن أن لدينا الكثير لنتحدث عنه."

ترددت لثوانٍ، ثم وافقت. تبادلا أرقام الهواتف، وغادرت وهي تشعر بأن شيئاً جديداً بدأ يتفتح في قلبها.

في الأيام التالية، توالت اللقاءات بينهما. مرة في مكتبة، وأخرى في معرض كتب، وأحياناً في نفس المقهى المطل على النيل. كل لقاء كان يكشف لها جانباً جديداً من شخصيته. كان يوسف مختلفاً عن الرجال الذين قابلتهم من قبل؛ لم يكن يتحدث عن نفسه كثيراً، بل كان يسألها عن أحلامها واهتماماتها. كان يستمع بصدق، وهذا ما جعلها تشعر بقيمة نفسها.

لكن مع مرور الوقت، بدأت نهى تلاحظ أن يوسف يخفي شيئاً ما. أحياناً حين تسأله عن ماضيه، كان يكتفي بابتسامة صامتة، أو يغيّر الموضوع بخفة. لم تكن تعرف إن كان يخفي جرحاً قديماً أم مجرد أسرار شخصية، لكنها شعرت أن هناك باباً مغلقاً في حياته.

وذات يوم، بينما كانا يسيران على الكورنيش، سألته نهى بصراحة: "يوسف، هل هناك شيء لا تريد أن تخبرني به؟ أحياناً أشعر أن هناك مسافة بيننا رغم كل ما نتشاركه."

توقف يوسف عن السير، ونظر إليها طويلاً قبل أن يقول: "نهى، هناك أشياء في الماضي تركت آثاراً عميقة. لا أريد أن أحمّلك هموماً ليست لك. لكن صدقيني، وجودك في حياتي بدأ يغير الكثير بداخلي."

كلماته زادت من فضولها، لكنها لم تلح أكثر. اكتفت بأن تمسك بيده وتمشي بجانبه، مدركة أن كل إنسان له ماضيه وأسراره.

مرت الشهور، وأصبحا أكثر قرباً. لكن في نفس الوقت، كانت الضغوط تزداد. نهى بدأت تفكر بجدية: هل هذا هو الحب الذي تنتظره؟ هل يوسف مستعد للارتباط الحقيقي أم أن ماضيه سيقف عائقاً؟ أما يوسف فكان يعيش صراعاً داخلياً بين رغبته في المضي قدماً مع نهى، وبين خوفه من أن تكشف أسراره فتبتعد عنه.

وفي إحدى الليالي، تلقت نهى مكالمة غريبة من رقم مجهول. كان صوت امرأة على الطرف الآخر يقول: "هل تعلمين أن يوسف ليس كما تظنين؟ إنه يخفي عنك الكثير. لا تنخدعي."

انقطع الاتصال فجأة، وتركت تلك الكلمات أثراً عميقاً في نفسها. لم تستطع النوم تلك الليلة، وظلت تتساءل: من تكون هذه المرأة؟ وما الذي تعرفه عن يوسف؟

في اليوم التالي، حين التقت يوسف، لم تستطع إخفاء قلقها. حاولت أن تواجهه، لكنه بدا متردداً. اكتفت بالنظر في عينيه وقالت: "يوسف، إذا كنت تريد أن تستمر هذه العلاقة، يجب أن أكون جزءاً من كل شيء في حياتك. حتى الماضي."

نظر إليها طويلاً، ثم قال بصوت مبحوح: "حسناً يا نهى… حان الوقت أن تعرفي الحقيقة."

وهنا توقفت الأحداث عند لحظة صمت ثقيلة، حيث بدا أن ما سيقوله سيغير مسار علاقتهما بالكامل ... لتنزيل الجزء الثاني من القصة أكتب تم

إرسال تعليق

تفضلوا بزيارتنا بانتظام للاستمتاع بقراءة القصص الجديدة والمثيرة، ولا تترددوا في مشاركة تعليقاتكم وآرائكم معنا.

أحدث أقدم
تابعنا علي مواقع التواصل الاجتماعي